أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة خطبة الأسبوع ، خطبة الجمعة القادمة، خطبة الاسبوع، خطبة الجمعة وزارة الأوقافعاجل

خطبة عيد الأضحى: ” التضحية الفداء”، لفضيلة الشيخ عبد الناصر بليح، بتاريخ 10 من ذي الحجة الموافق 12 سبتمبر 2016هـ

خطبة عيد الأضحى: ” التضحية الفداء“، لفضيلة الشيخ عبد الناصر بليح، بتاريخ 10 من ذي الحجة الموافق 12 سبتمبر 2016هـ.

لتحميل الخطبة بصيغة word أضغط هنا

لتحميل الخطبة بصيغة pdf أضغط هنا

 

 

ولقراءة الخطبة كما يلي:  

الحمد لله رب العالمين ..الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .

الله أكبر عدد ما أحرم الحجاج من الميقات وعدد ما رفعوا بالتلبية لله الأصوات ، الله أكبر عدد ما دخل الحجاج مكة ونزلوا بتلك الرحبات ، الله أكبر عدد ما طافوا بالبيت العتيق وعظموا الحرمات ،الله أكبر عدد ما خرجوا إلى منى ووقفوا بعرفات وعدد ما باتوا بمزدلفة وعادوا إلى منى للمبيت ورمي الجمرات ، الله أكبر عدد ما أراقوا من الدماء وحلقوا من الرؤوس تعظيما لفاطر الأرض والسماوات ،الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .نحمده على ما من به علينا من مواسم الخيرات وما تفضل به من جزيل العطايا والهبات ،

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مسبغ النعم ودافع النقم وفارج الكربات ،

 وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أكمل الخلق وأفضل البريات صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان ما دامت الأرض والسماوات وسلم تسليماً كثيراً  : أما بعد فيا عباد الله :”  وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ   الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ . وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ . لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ “.

 

عباد الله : إن يومكم هذا هو يوم عيد الأضحى والنحر وهو من أعظم أيام الله علي الإطلاق   فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال”: أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر.”(أحمد وأبو داود والحاكم ). ويوم القر هو اليوم الذي يلي يوم النحر .

و هو يوم الحج الأكبر  كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يوم النحر هو يوم الحج الأكبر.، وفيه من الأعمال ما لا يعمل في غيره كالوقوف بالمزدلفة ورمي جمرة العقبة الكبرى وحدها    …  ولأن الحجاج يؤدون فيه معظم مناسك الحج   ويحلقون رؤوسهم ويطوفون بالبيت طواف الإفاضة ويسعون بين الصفا والمروة ،

 

وهو عيد الأضحى والنحر لأن الناس يضحون فيه وينحرون هداياهم ، وما عمل ابن آدم يوم النحر عملا أحب إلى الله من إراقة دم ، وان للمضحي بكل شعرة حسنة وبكل صوفة حسنة ، وهذه الأضاحي سنة أبيكم إبراهيم ونبيكم محمد عليهما الصلاة والسلام ، وإنها لسنة مؤكدة يكره لمن قدر عليها أن يتركها وإن ذبحها لأفضل من الصدقة بثمنها لما فيها من إحياء السنة والأجر العظيم ومحبة الله لها .

يوم التضحية والفداء :

هو يوم التضحية والفداء والتضحية لها معان كثيرة تضحية بالنفس وتضحية بالولد وتضحية بالمال وتضحية بالوقت والجهد ولنا في نبي الله إبراهيم القدوة والأسوة الحسنة ..

ظل الخليل إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام لا ينجب حتى اشتاق إلى الأولاد والذرية فتوجه إلى ربه قائلا :” رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِين  ” وظل يدعوا ويلح على ربه بهذا الدعاء بشوق واضطرار حتى من الله عليه واستجاب دعاءه فكانت البشرى من الله :” فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ  “.

ووضعت زوجته هاجر ابنه البكر إسماعيل عليه السلام ففرح به فرحاً شديداً وكان عمر الخليل ساعتها ست وثمانون سنه لذلك أثنى على الله قائلا :” الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ۚ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ “(إبراهيم/39).  

وجاء موعد الاختبار الأول الذي يعلمنا الدرس العظيم وهو أن كل شيء فى سبيل مرضاة الله يهون

حيث أمر الله خليله إبراهيم عليه السلام أن يحمل زوجته هاجر وابنهما إسماعيل إلى ارض قاحلة لا حياة فيها ولا ماء” رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ “ابنه الذي تمناه من الدنيا يتركه هكذا في الصحراء حيث لا أنيس ولا جليس وهو طفل رضيع يحتاج كل الحاجة إلى الرعاية – لكنه أمر الله – وكل شيء فى سبيل الله يهون –ويتركهما تحت شجرة كما ثبت فى البخاري وقلبه يتقطع لفراق زوجته وابنه الذي طالما اشتاق إليه لكن لا بد من الطاعة والتسليم لأمر الله فلما هم بالانصراف – تعلقت به زوجته- يا إبراهيم: أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي لا أنس فيه ولا شيء ولازرع فيه ولا ماء ؟ فجعل لا يلتفت إليها والحديث عند البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما فقالت له بعد ذلك :آلله أمرك بهذا؟ تدبر لتتعلم الثقة فى الله واليقين فقال الخليل: نعم – فقالت هاجر أم إسماعيل : إذن لا يضيعنا الله أبداً وهو أرحم الراحمين ..هذه امرأة علمت يقينا أن النفع والضر بيد الله وانأ وأنت كم مرة عند نزول أمر الله بنا قلنا إذن لا يضيعنا ؟للأسف الشديد أصبح الكثير اليوم يصدق المخلوق ولا يصدق الخالق” وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ

.يا أخا الإسلام : طالما إن هناك ربا يدافع عنك ويحميك فلا تخشى أحداً فماذا فقد من وجد الله؟ فلتهون الدنيا بأكملها طالما أن الله قال وأمر لتهون النفس – فلتهون الزوجة – فليهون الولد – فليهون كل شيء في سبيل الله وظلت هاجر بابنها إسماعيل في الصحراء وتشرب من الماء الذي معها في السقاء حتى نفد الماء – فجعلت تهرول بين الصفا والمروة سبع مرات تبحث عن أسباب الحياة وفى أخر سعى سمعت صوتا فإذا هي بجبريل عليه السلام يضرب بجناحه الأرض فنبع الماء بقدرة الله وكان ذلك ميلاد جديد للحياة هناك بمكة وبناء البيت العتيق ….

ومرت الأيام ودارت الليالي وفى ليلة من الليالي يرى نبي الله إبراهيم مناما عجيبا وهو انه يذبح ابنه إسماعيل الحبيب الى قلبه = لما كبر الابن وشب وترعرع وصار يذهب مع أبيه :”فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى ؟”

الله اكبر ….. ألهذا الحد يكون الاختبار – انه أصعب اختبار يمر فى تاريخ هذه الحياة أن تذبح ابنك لو مات ابنك من بين يديك لكان أهون عليك – أما ان تذبحه بنفسك فيا للصبر والجسارة والقدرة على تحمل تنفيذ أمر الله في ذلك ولأن كل شيء في سبيل الله يهون فمرحبا بتنفيذ أمر الله حتى لو كان ذبح الابن الذى ظل ينتظره سنين عددا..

فماذا كان جواب الشاب الحليم ؟

“قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ”

هل جزاء الإحسان إلا الإحسان :

التضحية من أجل الوالدين وبذل النصيحة لهما لابد أن يكون له مقابل كما قال صلي الله عليه وسلم :” بروا أبائكم تبركم أبناؤكم وعفوا تعف نساؤكم “(الترمذي).

وسيدنا إبراهيم الخليل ضرب لنا أروع الأمثلة في هذا الأدب الجم واللطف مع أبيه حتى وإن كان علي دينه وملته . ففي سورة مريم عند ذكر الله تعالي لخليله إبراهيم وحواره مع أبيه -:”إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً” (مريم: 42-45).

لاحظ هذه الكلمة أخي المسلم البار بوالديك ..”يا أبتِ”: نداؤه لأبيه كان في غاية اللطف حيث لم يدعه باسمه الصريح، بل دعاه بعنوان الأبوة المشعر بالاحترام والتقدير، وناداه بـ: (يا) للتدليل على علو منزلته وبعد مكانته.وقال ياأبت ولم يقل ياأبي لأن التاء المفتوحة دليل علي تعظيم المنادي .

فليس من الأدب أن ينادي الولد أباه باسمه أو كنيته ، وإذا كان الأب يتأذى من ذلك ويكرهه : فهو من العقوق .وقد أمر الله تعالى الولد بمخاطبة أبويه خطاب التوقير والاحترام ، فقال :”وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً”.قال القرطبي رحمه الله :”قَوْلًا كَرِيماً”أَيْ لَيِّنًا لَطِيفًا، مِثْلَ: يَا أَبَتَاهُ وَيَا أُمَّاهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَمِّيَهُمَا وَيُكَنِّيَهُمَا ..” انتهى من “تفسير القرطبي” (10/ 243) .

وقال الإمام البخاري رحمه الله في “الأدب المفرد” (ص 26):” بَابُ لَا يُسَمِّي الرَّجُلُ أَبَاهُ وَلَا يَجْلِسُ قبله ولا يمشى أمامه ” ثم روى عن أبي هريرة رضي الله عنه : ” أنه أَبْصَرَ رَجُلَيْنِ فَقَالَ: لِأَحَدِهِمَا مَا هَذَا مِنْكَ؟ ، فَقَالَ أَبِي فَقَالَ:” لَا تُسَمِّهِ بِاسْمِهِ، وَلَا تمش أمامه، ولا تجلس قبله”.

ولنتعلم من حديث خليل الله إبراهيم مع أبيه حيث جاء الحديث مع أبيه مقنعاً هادئاً يعتمد على الحجة والبرهان لا على الحدة والشدة، وابتعد فيه عن مباشرة اللوم وتسفيه معبوده، فلم يقل له: آلهتك التي تعبد عاجزة لا نفع فيها، بل استشار عقله أولاً بذلك السؤال، ليصل هو إلى الحق،”لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِر”

و استمر الخليل في حديثه الهادئ وأبوه يستمع إليه وهذا أمر يحمد له، وربما حمله عليه حسن أدب ولده معه، ثم أضاف:”يا أبتِ”وأعاد النداء الحاني الوقور مجللاً بعنوان الأبوة إني قد جاءني، هنا لا سؤال لأن أباه قد انتبه إلى حديثه، فعدل عن أن يقول: “يا أبتِ إنك جاهل” إلى: “يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ” كسباً لقلبه، وتمهيداً لإقناعه بقبول كلامه، لذا أتبعه بقوله: “فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً”حيث لايجوز للابن أن يأمر أباه وينهاه ويكررها فعن الحسن أن رجلاً سأله: آمر والداي وأنهاهما؟ قال: إن كرها ذلك فلا. وقال رجل لمعاذ بن جبل: ماحق الوالدين على الولد؟ قال: لو خرجت من اهلك ومالك ما أديت حقهما.

ثم أضاف ثالثاً:”يا أبتِ” وأعاد نداءه وتوقيره استجلاباً لدواعى الاستجابة لديه، باستدرار عطف الأبوة (يا أبتِ)، وقلما يصبر الأب على مطلب ابنه إذا كرر عليه(يا أبتِ، يا أبتِ، يا أبتِ… ).

ثم قال للمرة الرابعة”يا أبتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ”وهذا هو ختام كلامه، لذا ضمنه ما يشعر بخوفه ووجله على أبيه، وأنه إنما فعل ما فعل، وقال ما قال خوفاً عليه، انتهي كلام إبراهيم الخليل مع أبيه وتلطفه معه فهل يجد هذا البر من ولده إسماعيل نعم أخوة الإيمان والإسلام.

فقد جاء حديث القرآن ليبين لنا أنه :” مَن يَفعَلِ الخَيرَ لا يَعدَم جَوازِيَهُ *** لا يَذهَبُ العُرفُ بَينَ اللَهِ وَالناسِ.

و:”هل جزاء الإحسان إلا الإحسان “وأن :”البر لا يبلي والذنب لا ينسي والديان لا يموت افعل ما شئت يا ابن آدم فكما تدين تدان “..وأن :”من بر والديه بره أبناؤه”.

و:”من وقر والديه رزقه الله ولداً من صلبه يوقره “..

أخي المسلم البار بوالديه :

ما قاله إبراهيم لأبيه وما فعله من تلطف ووقار سمعه من ولده إسماعيل قولاً وفعلاً قال الله تعالى: “فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ”(الصافات /101 – 107).

فيا له مِن نداء خالد “يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ”، يحتاج كل مسلم لإحيائه في نفسه وفي مجتمعه، عسى الله أنْ يرى مِن قلوبنا وأقوالنا وأفعالنا ما يُفَرِّج به عنا الشدائد، ويجعل لنا العاقبة والثناء.

أيها المسلمون احذروا من تعدي حدود الله في النفوس والأموال والأعراض ، وأدوا الحقوق قبل أن تؤخذ يوم القيامة من أعمالكم .

فيا من تشرب المحرمات من الشيشة والسجائر والمسكرات لا نقول لك اذبح ولدك ولكن اذبح حب هذه المحرمات من قلبك..

ويا من تأكل الربا وتحارب الله  ورسوله لا نقول لك:” اذبح ولدك ” ولكن اذبح تعاملك بالربا وتعامل بالحلال وكف حربك مع الله ورسوله فإنك الخاسر لا محالة .

ويا تارك الصلاة ومانع الزكاة  لا نقول لك اذبح ولدك ولكن أقم فرض الله وركنا دينك ..

ويا عاق لوالديه وقاطع رحمه لا نقول لك:” اذبح ولدك ” ولكن صل رحمك وبر والديك ففي ذلك النجاة.

ويا من تأكل أموال الناس بالباطل وتستولي علي حقوق الآخرين وتنسي بأن هناك رب مطلع علي جميع أعمال العباد لا نقول لك:” اذبح ولدك”  ولكن تب إلى الله ورد المظالم لأهلها..

ويا حابس الحقوق وآكل حق إخوانك وأخواتك فى ميراثهم لا نقول لك :”اذبح ولدك” بل تب إلى الله ورد الحقوق لأصحابها.

يا ظالم زوجتك وأولادك وجيرانك وتؤذي المسلمين بفعلك ولسانك لا نقول لك:” اذبح ولدك ” بل تب إلي الله وكف عن الظلم والأذى.

يا مصر على المعصية طوال أيامه لا نقول لك :”اذبح ولدك “ولكن فقط تب إلى الله واذبح حب المعصية فى قلبك..

يا كل هؤلاء وغيرهم ”  كل شيء فى سبيل مرضات الله يهون”

فهي دعوة إلى أن نهيئ أنفسنا للتضحية

فالمسلم الذي يحافظ على صلاته في وقتها هذه تضحية،والموظف الذي يؤدي وظيفته بأمانة وإتقان هذه تضحية،والعامل الذي يعمل بإخلاص ولا يغش هذه تضحية،والطيب الذي يخدم الإنسان بعلمه هذه تضحية،والتاجر الصادق الأمين الذي لا يغالي علي الناس هذه تضحية  والزوج الذي يعمل ليعف نفسه وأهله هذه تضحية،والزوجة التي تطيع زوجها وتقوم على خدمتها هذه تضحية،والولد الذي يعمل جاهداً على إرضاء أبويه هذه تضحية،والمسلم الذي يعفو ويسامح الآخرين هذه تضحية.وكل مسلم يقدم خدمة لله ولمجتمعه ولأمته فهذه تضحية.. فأين من يسلك طريق التضحية ويسجل له موقفاً ينفعه هناك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم”.

أخوة الإسلام :

فى حجة الوداع تسابقت الإبل العجماء للتضحية في سبيل الله فيروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ساق معه مائة ناقة ليفدى بها جده إسماعيل عليه السلام فلما أخذ الحربة لينحرها أخذت الإبل تتسابق إليه أيتها ينحر قبل الأخرى – الله اكبر الله اكبر الله اكبر حتى النوق العجماوات تحب الموت فى سبيل الله وتتسابق إليه وكأنها تعلن أنه كل شيء في سبيل الله يهون فهي تضحي بنفسها في سبيل .ونحن مالنا إذا قيل لنا  انفروا في سبيل الله اثاقلنا إلي الأرض رضينا بالحياة الدنيا من الآخرة.

وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم . . إلخ .

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين -الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد .

أخوة الإيمان والإسلام:ضحوا عن أنفسكم وعن أهليكم متقربين بذلك إلى ربكم متبعين لسنة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم حيث ضحى عنه وعن أهل بيته ، ومن كان منكم لا يجد الأضحية فقد ضحى عنه النبي صلى الله عليه وسلم جزاه الله عن أمته خيراً .

وتجزي الشاة عن واحد والبدنة والبقرة عن سبعة ، فلا يشترك شخصان في شاة واحدة ولا أكثر من سبعة في بدنة أو بقرة ، ولكن للإنسان أن يشرك في ثواب أضحيته من شاء سواء كانت شاة أم سبع بدنة أم سبع بقرة . واعلموا أن للأضحية شروطا ثلاثة الأول : – أن تبلغ السن المعتبر شرعا وهو خمس سنين في الإبل وسنتان في البقر وسنة كاملة في المعز ونصف سنة في الضأن . الشرط الثاني : – أن تكون سليمة من العيوب التي تمنع الإجزاء وهي أربعة عيوب : العرجاء البين ظلعها وهي لا تعانق الصحيحة في الممشاء ، والمريضة البين مرضها وهي التي ظهرت آثار المرض عليها إما في أكلها أو مشيها أو غير ذلك من أحوالها ، ومن المرض البين الجرب والعوراء البين عورها بأن تكون عينها العوراء ناتئة أو غائرة ، أما إذا كانت لا تبصر بها ولكن عورها غير بين فإنها تجزئ مع الكراهة ، والعيب الرابع العجفاء وهي الهزيلة التي لا مخ فيها ، فأما عيب الأذن أو القرن فإنه لا يمنع من الإجزاء ولكنه يكره ، وكذلك الهتماء التي سقطت أسنانها أو بعضها فإنها تجزئ ولكنها تكره ، وكلما كانت الأضحية أكمل  في ذاتها وصفاتها فهي أفضل .

 الشرط الثالث : – من شروط الأضحية أن تقع في الوقت المحدد للتضحية شرعا وهو من الفراغ من صلاة العيد ، والأفضل أن ينتظر حتى يفرغ الإمام من الخطبتين وينتهي بغروب الشمس من اليوم الثالث بعد العيد فأيام الذبح أربعة يوم العيد وثلاثة أيام بعده ، وأفضلها يوم العيد والذبح في النهار أفضل ويجوز في الليل . ومن كان منكم يحسن الذبح بنفسه فليذبح أضحيته بيده ، ومن كان لا يحسن فليحضر ذبحها فإن ذلك أفضل ، فإذا ذبحت عنه وهو غائب فلا بأس ويسميها عند الذبح فيقول إذا أضجعها للذبح : بسم الله والله أكبر اللهم هذا منك ولك اللهم هذه عن فلان أو فلانة ، هذه هي التسمية الواردة ، وأما ما يفعله بعض العوام من مسح ظهرها من وجهها إلى قفاها فلا أصل له ، وإذا ذبحها ونوى من هي له ولم ينطق باسمه أجزأت النية لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى » ولكن النطق باسم من هي له أفضل اتباعا للسنة ..

واعلموا أن للذكاة شروطا منها أن يقول عند الذبح : بسم الله ، فمن لم يقل باسم الله على الذبيحة فذبيحته ميتة نجسة حرام أكلها لقوله تعالى : “وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ” وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل ” ومن شروط الذكاة انهار الدم بأن يقطع الحلقوم وهو مجرى النفس والمرئ وهو مجرى الطعام ، ويتمم ذلك بقطع الأوداج وهي الوردان عرقان غليظان محيطان بالحلقوم يثعب منهما الدم لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الذبيحة التي لا تفري أوداجها ، وجميع الرقبة من أعلاها إلى أسفلها موضع للذبح ، لكن الأفضل نحر الإبل من أسفل الرقبة في الوهدة التي بين أصل العنق والصدر ، وذبح البقر والغنم من أعلى الرقبة أي مما يلي الرأس ولو ذبحها من وسط الرقبة أجزأت ، واذبحوا برفق وحدوا السكين ولا تحدوها وهي تنظر ، ولا تذبحوها وأختها تنظر إليها ، وامروا السكين بقوة وسرعة واضجعوها على جنبها الأيسر أو الأيمن على حسب ما يتيسر لكم ويكون أريح لها ، ولا تلووا يدها على عنقها من خلفها عند الذبح فإن ذلك تعذيب لها وإيلام بلا فائدة لها ، ولا تسلخوها أو تكسروا رقبتها قبل أن تموت . وكلوا من الأضاحي واهدوا وتصدقوا ، ولا تعطوا الجزار أجرته منها بل أعطوه أجرته من عندكم وأعطوه من الأضحية إن شئتم هدية إن كان غنياً أو صدقة إن كان فقيراً ، ومن أهدي إليه شيء منها أو تصدق به عليه فهو ملكه يتصرف فيه بما شاء من بيع أو غيره .

اليوم يوم عيد التضحية والفداء يوم المرحمة والتراحم والتزاور و هذه الأيام الثلاثة المقبلة هي أيام التشريق التي لا يجوز صيامها كما لا يجوز صيام يوم العيد ، وهي التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم : “أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل فأكثروا فيها من ذكر الله بالتكبير والتهليل والتحميد في أدبار الصلوات وفي جميع الأوقات ” .

واعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها ، وإياكم والانجراف خلف التيارات المنحرفة التي تصدكم عن دينكم وتعوقكم في السير إلى ربكم خلف نبيكم ، ، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان ، واجعلنا من الراشدين ، اللهم انصرنا على أعدائنا وأصلح أمورنا واهد ولاتنا لما فيه الخير والصلاح في ديننا ودنياك إنك جواد كريم .وقوموا إلي رحالكم راشدين يرحمني ويرحمكم الله .

 

اظهر المزيد

admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »